للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن سعيد بن المسيب لما قرأ الآية أخذ من الأرض شيئًا ثم قال: الحصور الذي ليس له إلا مثل هذا (١)، وقيل: الحابس نفسه عن المعاصي.

وقال ابن عباس: هو الذي لا يُنْزِل (٢).

قلت: والظاهر أنه الذي لا يقع منه مع القدرة؛ لأن العنة عيب، والأنبياء يصانون عنه (٣)، والآية حجة لأبي حنيفة والشافعي وأشهب في أن المحصور بعذر عليه الهدي (٤)، وانفرد أشهب بذلك بين أصحابه (٥)، والآية محمولة عند مالك وأصحابه على المرض (٦)، وفسر العزيزي الآية بالمنع من السير لمرض أو عدو أو غيره من العوائق.

ومذهب ابن عمر وابن عباس وأهل المدينة: أنه لا يكون إلا من عدو. وابن مسعود وأهل الكوفة: أنه منه ومن المرض (٧)، وعليهما الهدي واجب على من منع لعدو، والمعنى فرضيته للمحصر.


(١) رواه الطبري ٣/ ٢٥٥ (٦٩٧٩)، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٤٣ (٣٤٦٤). قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٥٥: هذا حديث غريب جدًا.
(٢) رواه الطبري ٣/ ٢٥٦ (٦٩٩٢)، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٤٣ (٣٤٦٧). وزاد السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٣٩ نسبته إلى أحمد في "الزهد" وابن المنذر.
(٣) قال القاضي عياض: فاعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم: إنه كان هيوبًا أو لا ذكر له بل قد أنكر هذا حذَّاق المفسرين ونقاد العلماء، وقالوا: هذِه نقيصة وعيب ولا يليق بالأنبياء عليهم السلام؛ وإنما معناه أنه معصومٌ من الذنوب أي: لا يأتيها كأنه حُصر عنها، وقيل مانعًا نفسه من الشهوات، وقيل: نسيت له شهوة في النساء. اهـ "الشفا" ١/ ٨٨.
(٤) انظر: "المبسوط" ٤/ ١٠٦، "المنتقى" ٢/ ٢٧٣، "الأم" ٨/ ١٦٩.
(٥) انظر: "المنتقى" ٢/ ٣٧٢.
(٦) السابق.
(٧) انظر: "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٥٢، "المجموع" ٨/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>