للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كنت بالرثينة وقعت عن راحلتي فانكسرت، فأرسلت إلى ابن عباس وابن عمر أسألهما فقالا: ليس لها وقت كوقت الحج، يكون على إحرامه حَتَّى يصل إلى البيت (١).

وحَدَّثَنَا علي، ثَنَا سفيان، قال عمرو: أخبرني ابن عباس قال: لا حصر إلا حصر العدو. ورواه ابن جريج ومعمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس (٢)، فقد بان بما رواه الثقات أنه خلاف ذَلِكَ؛ لأن ابن عباس حصر الحصر بالعدو دون غيره، فبان أن مذهب مالك كمذهب ابن عمر، ومن الحجة له في أن المحصر بمرض لا يحله إلا البيت، قوله تعالى {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} الآية [الفتح: ٢٥]، فأعلمنا تعالى أنهم حبسوا الهدي عن بلوغ محله فينبغي أن يكون بلوغ محله شرطًا فيه مع القدرة عليه، وأما قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وقوله {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: ٣٣] والمخاطب بذلك: الآمن الذي يجد السبيل إلى الوصول إلى البيت، والمريض آمن يمكنه ذَلِكَ، وقول الكوفيين ضعيف، وفيه تناقض؛ لأنهم لا يجيزون لمحصر بعدو ولا بمرض أن يحل حَتَّى ينحر هديه في الحرم، وإذا أجازوا للمحصر بمرض أن يبعث هديه ويواعد حامله يومًا ينحر فيه، فيحلق، ويحل أجازوا له الإحلال بغير يقين من نحر الهدي وبلوغه، وحملوه على الإحلال بالظنون.


(١) رواه مالك في "الموطأ" ص ٢٣٧ عن رجل من أهل البصرة. وقال الحافظ في "الفتح" ٤/ ١٥ إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٣/ ٥٩ (١٣٥٧٧) عن أبي العلاء بن الشخير.
(٢) ورواهما الطبري ٢/ ٢٢١ (٣٢٤١)، ٢/ ٢٣٣ (٣٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>