للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعلماء متفقون على أنه لا يجوز لمن لزمه فرض أن يخرج منه بالظن، والدليل على أن ذَلِكَ ظن قولهم: أنه لو عطب الهدي أو ضل أو سرق فحل مرسله وأصاب النساء وصاد، أنه يعود حرامًا، وعليه جزاء ما صاد، وأباحوا له فساد الحج بالجماع، وألزموه ما يلزم من لم يحل من إحرامه وهذا تناقض بلا شك.

واحتج الكوفيون بحديث ابن عباس في الباب، حَتَّى اعتمر عامًا قابلًا في وجوب قضاء الحج أو العمرة على من أحصر في أحدهما بعدو، وقال أهل الحجاز: معنى قوله: حَتَّى اعتمر إلى آخره، هو ما عقده معهم في صلح الحديبية أنه لا يمنعوه البيت عامًا قابلًا، ولا يحال بينهم وبينه، فإما أن يكون ما فعلوه من العمرة قضاء عن عمرة الحديبية، ففيه النزاع، فيحتاج إلى ذَلِكَ، وسيأتي ما للعلماء فيه قريبًا في باب: من قال: ليس على المحصر بدل.

وقول ابن عباس: (قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) حجة على من قال: لا يقال: أحصره العدو، وإنما يقال: حصره العدو وأحصره المرض، واحتج بقول ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو، واحتج به ابن القصار (١) فيقال له: هذا ابن عباس قال: قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقام الإجماع أنه - عليه السلام - لم يحصر بمرض، وإنما أحصر بعدو عام الحديبية (٢)، فثبت أنه يقال: حصره العدو وأحصره لغتان.

وقوله: (أشهدكم أني قد أوجبت حجًّا مع عمرتي). فهو حجة لمثبت القياس، ولمن قال: أن الحج يرتدف على العمرة، وروى معمر، عن منصور، عن مالك بن الحارث قال: لقيتُ عليًا، وقد أهللت بالحج


(١) انظر: "عيون المجالس" ٢/ ٨٩٣ (٦١٣).
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>