للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الذي يأكل الزرع فهو الذي يرمى ولا يقتل، وهو الذي استثناه مالك من جملة الغربان، وفي قتلها قولان للمالكية: المشهور: القتل؛ لعموم الحديث، ومن منع القتل؛ لانتفاء الفسق فيه، وعن أبي مصعب فيما ذكره ابن العربي: قتل الغراب والحدأ، وإن لم يبدأ بالأذى ويؤكل لحمها عند مالك، وروي عنه المنع في الحرم؛ سدًّا لذريعة الاصطياد، قال أبو بكر: وأصل المذهب أن لا يقتل من الطير إلا ما آذى بخلاف غيره فإنه يقتل ابتداء.

والفأرة: واحدة الفئران، وفئرة، ذكره ابن سيده، وفي "الجامع": أكثر العرب على همزها (١)، ولا خلاف بين العلماء في جواز قتل المحرم لها، كما حكاه ابن المنذر إلا النخعي فإنه منعه من قتلها (٢)، وهو خلاف السنة، وخلاف قول أهل العلم، سميت فويسقة؛ لخروجها على الناس واغتيالها أموالهم بالفساد، وأصل الفسق: الخروج عن الشيء ومنه {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] أي: خرج، وسمي الرجل فاسقًا؛ لانسلاخه من الخير. وقال ابن قتيبة: لا أرى الغراب سمي فاسقًا إلا لتخليه عن أمر نوح حين أرسله، ووقوعه على الجيفة وعصيانه إياه، وحكي عن الفراء: ما أحسب الفأرة سميت فويسقة إلا لخروجها من جحرها على الناس، قال الخطابي: ولا يعجبني واحدٌ من القولين، وقد بقي عليهما أن يقولا مثل ذَلِكَ في الحدأة والكلب، إذا كان هذا النعت (لجميعها) (٣)، وهذا اللقب يلزمها لزومه الغراب والفأرة، وإنما أرادوا -والله أعلم-


(١) "المحكم" ١١/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٣٣٣ (١٤٨٢٢) كتاب: الحج، ما يقتل المحرم.
(٣) كذا بالأصل وفي (ج)، وفي "غريب الحديث" للخطابي: يجمعهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>