للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجمعة على أن المحرم يملك ذَلِكَ بشراءٍ وهبة وميراث في حال إحرامه، ولا يبطل ملكه، فكذلك إذا ملكه بنكاح لا يبطل ملكه قياسًا على الشراء، قاله الطبري، قال: والصواب عندنا أن نكاح المحرم فاسد يجب فسخه؛ لصحة الخبر عن عثمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن ذَلِكَ (١)، وخبر ابن عباس: أنه - عليه السلام - تزوجها وهو محرم، فقد عارضهم فيه غيرهم من الصحابة، وقالوا: تزوجها وهو حلال فلم يكن قول من قال تزوجها وهو محرم أولى بالقبول من الآخر.

وقد قال سعيد بن المسيب: وَهِم ابن عباس -وإن كانت خالته- ما تزوجها إلا بعدما أحل (٢). قال ابن عُلية: حَدَّثَنَا أيوب قال: أنبئت أن الاختلاف إنما كان في نكاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث العباس بين يديه؛ لينكحها إياه فأنكحه، قال بعضهم: أنكحها قبل أن يحرم (٣)، وقال بعضهم: بعدما أحرم. وقد ثبت أن عمر وعليًّا وزيدًا فرقوا بين محرم نكح وبين امرأته (٤)، ولا يكون هذا إلا عن صحة ويقين.

وأما قياسهم النكاح على الشراء فإن الذين أفسدوا نكاح المحرم لم يفسدوه من جهة القياس والاستنباط فتلزمهم المقاييس والأشباه، وإنما أفسدوه من جهة الخبر الوارد بالنهي عنه فالذي ينبغي لمخالفيهم أن يناظروهم من جهة الخبر، فإن ثبت لزمهم التسليم له، وإن بطل


(١) رواه مسلم (١٤٠٩).
(٢) رواه البيهقي ٧/ ٢١٢.
(٣) حديث عمر رواه مالك في "الموطأ" ١/ ٤٦٣ (١١٧٨)، والدارقطني ٣/ ٢٦٠، والبيهقي ٧/ ٢١٣، وصححه الألباني في "الإرواء" (١٠٣٨).
(٤) وحديث علي وزيد رواهما البيهقي ٧/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>