للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا بالمدينة، فصح أنها بلا شك إنما تزوجها بعد تمام إحرامه، لا في حال طوافه وسعيه، فارتفع الإشكال جملة، وبقي خبر عثمان وميمونة لا معارض لهما، ثم لو صح خبر ابن عباس بيقين، ولم يصح خبر ميمونة لكان خبر عثمان هذا الزائد الوارد بحكم لا يحل خلافه؛ لأن النكاح قد أباحه الله في كل حال، ثم لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا ينكح المحرم كان بلا شك ناسخًا للحال المتقدمة من الإباحة، لا يمكن غير ذَلِكَ أصلًا، وكان خبر ابن عباس منسوخًا بلا شك؛ لموافقته للحال المنسوخة بيقين (١).

قلت: روى مالك، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع ورجلًا من الأنصار يزوجانه ميمونة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج (٢)، وهذا يبعد احتمال أنهما زوجاه إياها وهو متلبس بالإحرام في طريقه إلى مكة، ولما حل بني بها كما سبق عن أبي رافع: وكنت السفير بينهما. لأنه لم يطلع إلا على حال باشرها بنفسه؛ لأنه فارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما حلالان، فجاء بالزوجة إليه وهما حلالان، ولم يتعرض لما بين ذَلِكَ؛ إذ قوله بالمدينة قبل أن يخرج، صريح في خلاف ذَلِكَ، وأنه حلال؛ لأنه لم يحرم إلا بعد خروجه من المدينة. وفي "الطبقات": أنهما أضلَّا بعيريهما إلى أن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمشى إلى بيت العباس، فأنكحه إياها (٣).

وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرًا في ذي القعدة، فلما بلغ موضعًا ذكره، بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه


(١) "المحلى" ٧/ ٢٠٠ بتصرف.
(٢) "الموطأ" ص ٢٢٩.
(٣) "الطبقات الكبرى" ٨/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>