للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالنهي عن ذَلِكَ، وإنما تلزم الكفارة من تعمد فعل ما نهي عنه في إحرامه، ولو لزمه شيء لبينه له وأمره به، ولم يجز أن يؤخره.

والشافعي أشد موافقة للحديث؛ لأن الرجل كان أحرم في جبة مطيبة، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذَلِكَ، فلم يجبه حَتَّى أوحي إليه وسري عنه، فطال انتفاعه باللبس والتطيب، ولم يوجب عليه كفارة، فإن الشافعي قال: لا تجب مطلقًا. ومال مالك إلى أنه إن نزع وغسل حالًا، فلا شيء عليه. وهذا احتياط؛ لأن الحلق والوطء والصيد نهي عنها المحرم، والسهو والعمد فيها سواء قالوا: وكذا الصوم.

وفيه رد أيضًا على من زعم أن الرجل إذا أحرم وعليه قميص أن له أن يشقه، وقال: لا ينبغي أن ينزعه؛ لأنه إذا فعل ذَلِكَ فقد غطى رأسه، وذلك غير جائز له، فلذا أمر بشقه، وممن قاله الحسن والشعبي وسعيد بن جبير (١)، وجميع فقهاء الأمصار يقولون: من نسي فأحرم وعليه قميص أنه ينزعه ولا يشقه، واحتجوا بأنه - عليه السلام - أمر الرجل بنزع الجبة ولم يأمره بشقها، وهو قول عكرمة وعطاء (٢)، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن إضاعة المال (٣)، والحجة في السنة لا فيما خالفها (٤).

قال الطحاوي: وليس نزع القميص بمنزلة اللباس؛ لأن المحرم لو حمل على رأسه ثيابًا أو غيرها لم يكن بذلك بأس، ولم يدخل


(١) رواه عنهم الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٢/ ١٣٩.
(٢) السابق ٢/ ١٣٩.
(٣) حديث سيأتي برقم (١٤٧٧) كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، رواه مسلم (١٧١٥) كتاب: الأقضية، باب؛ النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة. من حديث أبي هريرة.
(٤) انتهى من "شرح ابن بطال" ٤/ ٥٢٠ - ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>