للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التعبير عن معمر قَالَ: وفتر الوحي فترة حتَّى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا [حزنا] (١) غدا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه يتراءى لَهُ جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه حتَّى يرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذَلِكَ فإذا أوفى بذروة جبل يتراءى لَهُ جبريل فقال لَهُ مثل ذَلِكَ (٢). وهذا من بلاغات معمر، ولم يسنده ولا ذكر راويه ولا أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله، ولا يعرف هذا إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه قَدْ يحمل عَلَى أنه كان في أول الأمر قبل رؤية جبريل كما جاء مبينًا عن ابن إسحاق عن بعضهم (٣)، أو أنه فعل ذَلِكَ لما أحرجه تكذيب قومه كما قَالَ تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: ٦]، أو خاف أن الفترة لأمر أو سبب فخشي أن تكون عقوبة من ربه ففعل ذَلِكَ بنفسه، ولم يرد بعد شرع بالنهي عن ذَلِكَ فيُعترض به، ونحو هذا فرار يونس حين تكذيب قومه، نبه عَلَى ذَلِكَ القاضي عياض (٤).

السادس بعد الستين: فيه جواز تزكية الرجل بما فيه من الخير للأوصاف السالفة التي ذكرتها خديجة، وليس بمعارض لحديث: "احثوا في وجوه المداحين التراب" (٥) فإن ذَلِكَ إذا مدح بباطل وبما ليس في الممدوح.


(١) زيادة يقتضيها السياق من البخاري.
(٢) سيأتي برقم (٦٩٨٢). كتاب: التعبير، باب: أول ما بدى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة.
(٣) "سيرة ابن إسحاق" ص ١٠١.
(٤) "الشفا تعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض ٢/ ١٠٤ - ١٠٥.
(٥) رواه مسلم (٣٠٠٢) كتاب: الزهد والرقائق، باب: المؤمن أمره كله خير. من حديث المقداد.