للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: قطعه - صلى الله عليه وسلم - للنخيل من موضع المسجد يدل على أن النهي توجه إلى ما أنبته الله تعالى من الشجر، مما لا صنع فيه لآدمي؛ لأن النخيل التي قطعت من موضع المسجد كان لغرس الآدميين؛ لأنه طلب شراء الحائط من بني النجار إذ كان ملكًا لهم، فقالوا: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، وعلى هذا التأويل حمل نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قطع شجر مكة (١).

واستضعف بعضهم جواب المهلب أن القطع كان للبناء، وفيه مصلحة المسلمين، وقال: يلزمه أن يقول به في حرم مكة أيضًا ولا قائل به، ثم ادَّعى أنه هو ما فهمه البخاري، أنها ليست حرامًا، إذ لو كانت كذلك لم يقطع شجرها، وهو بعيد.

رابعها: اتفق مالك والشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء على أن الصيد محرم في المدينة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: صيدها غير محرم، وكذلك قطع شجرها، فخالف أحاديث الباب (٢)، واحتج الطحاوي (٣) بحديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل دارهم، وكان لأنس أخ صغير، وكان له نغير يلعب به، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " (٤) ولا حجة فيه؛ لأنه ممكن أن يصاد ذلك النغير من


(١) سلف برقم (١٠٤) كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب، ورواه مسلم (١٣٥٤) كتاب: الحج. باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها. وسلف أيضًا برقم (١٣٤٩) كتاب: الجنائز، باب: الاذخر والحشيش في القبر، ورواه مسلم (١٣٥٣) من حديث ابن عباس وانظر نص الكلام السالف في "شرح ابن بطال" ٤/ ٥٣٨.
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٩٣، "المبسوط" ٤/ ١٠٦، "المدونة" ١/ ٣٣٥، "المنتقى" ٢/ ٢٥٣، "المجموع" ٧/ ٤٧٢ - ٤٧٣، "المغني" ٥/ ١٩٣.
(٣) "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٩٤.
(٤) سيأتي برقم (٦١٢٩) كتاب: الأدب، باب: الانبساط إلى الناس، ورواه مسلم (٢١٥٠) كتاب: الآداب، باب: استحباب تحنيك المولود.

<<  <  ج: ص:  >  >>