للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكن في نسخ أخذ السلب ما يسقط ما صح من تحريم المدينة (١).

وقوله: ("حُرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِها عَلَى لِسَانِي") يريد أن تحريمها كان بالوحي، فوجب تحريم صيدها وقطع شجرها، إلا أن جمهور العلماء -كما قاله المهلب- على أنه لا جزاء في حرمها، لكنه آثم عندهم من استحله، فإن قال الكوفيون: لما أجمعوا على سقوط الجزاء في حرمها دل أنه غير محرم، فالجواب: أنه لا حجة في هذا؛ لأن صيد مكة قد كان محرمًا على غير هذِه الأمة، ولم يكن عليهم فيه جزاء، وإنما الجزاء على أمة محمد، فليس إيجاب الجزاء فيه علة للتحريم.

وشذ ابن أبي ذئب، وابن نافع صاحب مالك، والشافعي في أحد قوليه، فأوجبوا فيه الجزاء، و (استدل) (٢) على سقوطه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لمَّا حرمها وذكر ما ذكر، لم يذكر جزاءً على من قتل الصيد، وما كان من جهته - صلى الله عليه وسلم - ليس ببيان لما في القرآن، فليس بمحرم تحريم القرآن، وإنما هو مكروه حتى يكون بين تحريمه وبين تحريم القرآن فرق.

وحديث سعد السالف في أخذ سلبه فلم يصح عند مالك ولا رأى العمل عليه بالمدينة، ولو صح لأوجب الجزاء على من لا سلب له،


= وأورده الألباني أيضًا بهذا اللفظ في "الضعيفة" (٤٨٥٩) وقال: منكر، ثم قال: وجملة القول: أن الحديث بتمامه منكر، وأما شطره الأول، فمن الممكن تحسينه بمجموع الطريقين الضعيفين عن نافع، ولعل هذا هو وجه سكوت الحافظ على الحديث في "الفتح"، وتحسينه إياه فيما تقدم -قلت: يعني في "مختصر الزوائد" كما أوردته- وإلا فإني أستبعد جدًّا أن يحسن اسنادًا تفرد به العمري- عبد الله بن عمر- الذي جزم هو نفسه بتضعيفه. اهـ.
قلت: ترجمه الحافظ في "التقريب" (٣٤٨٩) وقال: ضعيف.
(١) انتهى من "التمهيد" ٦/ ٣١٠ - ٣١١.
(٢) في (ج): استدلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>