للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمالك: "ما تأكل القرى؟ " قال: تفتحها. وفي رواية ابن حبيب عنه: بفتح القرى، وتفتح منها القرى؛ لأن من المدينة افتتحت المدائن كلها بالإسلام.

وقال ابن بطال: معنى "تأكل القرى" أي: بفتح أهلها القرى، فيأكلون أموالهم، ويسبون ذراريهم، ويقتلون مقاتلتهم، وهذا من فصيح كلام العرب، تقول: أكلنا بني فلان، وأكلنا بلد كذا. إذا ظهروا على أهله وغلبوهم، وقال الخطابي: "تأكل القرى" يريد أن الله ينصر الإسلام بأهل المدينة وهم الأنصار- وتفتح على أيديهم القرى، ويغنمها إياهم فيأكلونها، وهذا في الاتساع والاختصار كقوله تعالى: {وَسئَلِ اَلقَريَةَ} [يوسف: ٨٢] يريد أهلها. وكان - صلى الله عليه وسلم - قد عرض نفسه على قبائل العرب أيهم ينصره فيفوز بالفخر في الدنيا والثواب في الآخرة، فلم يجد في القوم من يرضى بمعاداة من جاوره، ويبذل نفسه وماله لله، فمثل الله تعالى المدينة في منامه، ورأى أنه يؤمر بالهجرة إليها، ووصف ذلك للصديق، وقد كان عاقد قومًا من أهلها، وسألوه أن ينظروا فيما يريدون أن يعقدوا معه، فخرج مع الصديق إلى المدينة، ففتح الله بها جميع الأمصار، حتى مكة التي كانت موطنه (١).

وقال ابن التين: معنى "تأكل القرى": تفتحها منها، ويأكل أهلها غنائم القرى. قال القاضي عبد الوهاب: لا معنى لقوله: "تأكل القرى" إلا رجوع فضلها عليها وزيادتها على غيرها.

وقال النووي: معناه: أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر، وأن


(١) انتهى من "شرح ابن بطال" ٤/ ٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>