للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبياء الغيبة، ذكرهما القرطبي (١).

ومعنى "على خير ما كانت" أي على أحسن حال كانت بعده من الرخاء، وكثرة الثمرة والخيرات، وفي معدن الخلافة وموضعها، ومقصد الناس، ومعقلهم وحين تنافسوا فيها وتوسعوا في خططها، وغرسوا وسكنوا فيها ما لم يسكن قبل، وبنوا وشيدوا، وحملت إليها الخيرات، فلما انتهت حالها انتقلت الخلافة منها إلى الشام فغلبت عليها الأعراب، وتعاورتها الفتن، خاف أهلها فارتحلوا عنها.

وذكر أهل الأخبار أنها خلت من أهلها، وبقيت ثمارها للعوافي كما أخبر الصادق، ثم تراجع الناس إليها، وفي حال خلوها عدت الكلاب على سواري المسجد. وعن مالك: في هذا الحديث: "لتتركن المدينة خير ما كانت، حتى يدخل الكلب أوالذئب فيعدي على بعض سواري المسجد" (٢).

وقال: الظاهر أن هذا الترك يكون في آخر الزمان (٣).

وقال عياض: هذا ما جرى في العصر الأول وانقضى، وهذا من معجزاته (٤).

ثالثها: فيه دلالة كما قال المهلب أنها تسكن إلى يوم القيامة وإن خلت في بعض الأوقات لقصد هذين الراعيين بعنزهما إلى المدينة، وهذا يكون قريب قيام الساعة، وأن آية قيام الساعة عند موت هذين الراعيين أحرى أن يصير غنمهما وحوشًا.


(١) "المفهم" ٣/ ٥٠١.
(٢) "الموطأ" ص ٥٥٤، ومن طريقه ابن حبان ١٥/ ١٧٦ - ١٧٧ (٦٧٧٣).
(٣) القائل هو القرطبي، انظره وما قبله في "المفهم" ٣/ ٥٠١ - ٥٠٢.
(٤) "إكمال المعلم" ٤/ ٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>