للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قوله: ("آخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ") ولم يذكر حشرهما، وإنما ذكر أنهما يخران على وجوههما أمواتًا، فلا شك أنه لا حشر إلا بعد الموت، فهما. آخر من يموت بالمدينة، وآخر من يحشر بعد ذلك كما قال - عليه السلام -. وقال الداودي: يكونان في إثر من يبعث منها، ليس أن بعض الناس يخرج بعد بعض من الأجداث إلا بالشيء المتقارب.

قال تعالى: {فَإِذَا هُم جَمِيعٌ لَّدَينَا تُحفَرُونَ} [يس: ٥٣] وفي "أخبار المدينة" لابن شبة من حديث أبي هريرة قال: "آخر من يحشر رجلان: رجل من مزينة، وآخر من جهينة، فيقولان: أين الناس؟ فيأتيان المدينة، فلا يريان إلا الثعالب، فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقاهما بالناس" (١).

رابعها: "يَنْعِقَانِ" قال صاحب "العين": نعق بالغنم ينعق نعاقًا ونعيقًا إذا صاح بها (٢). قال الأزهري عن الفراء وغيره: وهو دعاء الراعي الشاء، يقال: انعِق بضأنك أي: ادعها، وقد نعق الراعي بها نعيقًا (٣).

وعن الفراء في قوله تعالى: {كمَثَلِ اَلَّذِى يَنعِقُ} [البقرة: ١٧١] قال: أضاف المثل إلى الذين كفروا، ثم شبههم بالراعي، ولم يقل: كالغنم. والمعنى -والله أعلم- إن مثلهم كمثل البهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من الصوت (٤).

وفي "الموعب": نعيقًا ونعاقًا: إذا صاح بها الراعي زجرًا، ونعقًا،


(١) "تاريخ المدينة المنورة" ١/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) "العين" ١/ ١٧١.
(٣) "تهذيب اللغة" للأزهري ٤/ ٣٦١٣.
(٤) "معاني القرآن" للفراء (١/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>