للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية للبخاري في المغازي: "تنفي الذنوب" (١)، وفي رواية: "وأنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الحديد" (٢) وكان هذا الأعرابي من المهاجرين كما قاله بعض العلماء (٣)، فأراد أن يستقيل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة فقط، ولم يرد أن يستقيله في الإسلام، فأبى - صلى الله عليه وسلم - من ذلك في الهجرة؛ لأنها عون على الإثم، وكان ارتدادهم عن الهجرة من أكبر الكبائر، ولذلك دعا لهم - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولاتردهم على أعقابهم" (٤) ويحتمل كما قال القاضي أن بيعته كانت بعد الفتح وسقوط الهجرة إليه، وإنما بايع على الإسلام وطلب الإقالة ولم يقله (٥).

وفيه من الفقه:

أن من عقد على نفسه أو على غيره عقدًا لله فلا ينبغي له حله؛ لأن في حله خروجًا عما عقد، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المائدة: ١] والدليل على أنه لم يطلب الارتداد عن الإسلام أنه لم يرد حل ما عقده إلا بموافقة الشارع على ذلك، ولو كان


(١) سيأتي برقم (٤٠٥٠) باب: غزوة أحد.
(٢) سيأتي برقم (٤٥٨٩) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: ٨٨].
(٣) قال الحافظ في "الفتح" ٤/ ٩٧: لم أقف على اسمه، إلا أن الزمخشري ذكر في "ربيع الأبرار" أنه قيس بن أبي حازم، وهو مشكل؛ لأنه تابعي كبير مشهور صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات، فإن كان محفوظًا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه، وفي "الذيل" لأبي موسى: في الصحابة قيس بن أبي حازم المنقري، فيحتمل أن يكون هو هذا أهـ. وقال هذا الكلام بنصه العيني في "عمدة القاري" ٨/ ٤٣٦.
(٤) سلف برقم (١٢٩٥)، ورواه مسلم (١٦٢٨).
(٥) "إكمال المعلم" ٤/ ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>