للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشهد لذلك أنها كانت نفساء، والنفساء لا تصوم، وإنما معنى {صَومًا}: إمساكًا عن الكلام، والعرب تقول: صام: إذا أمسك عن الكلام. ولا يعترض عَلَى هذا بقوله: {فَقُولى} لأن المراد به الإشارة، بدليل قوله بعد {فَأَشَارَت إِلَيهِ} الآية، وقيل: معناه: أنا المتفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وغيره من العبادات، أظهر الله جلّ وعز عَلَى مقدار ثوابها بعض مخلوقاته -وقد سلف- وقيل: هي إضافة تشريف كقوله: {نَاقَةُ اَللهِ}.

وقال الثقفي في "نضرة الصحاح": لأنه يتعلق بالنية، والنية محلها القلب فلا يطلع عليها غير المطلع عليها، فالرب يتولى جزاءه، والحفظة لا تعلم النية، وما أحسن ما حكاه ابن العربي عن الزهاد أن الصوم عن الطعام والمحظورات صوم العوام، وأن صوم الخواص هو الصوم عن غير ذكر الله، وخواص الخواص هو الصوم عن رؤيته، فلا يفطر إلا برؤيته. ولقائه، ويوم أراكم ذاك فطر صيامي، وهذا الذي قَالَ فيه تعالى: "الحسنة بعشر أمثالها إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" (١)، وفيه أقوال أخرى ذكرها الطالقاني في كتابه "حظائر القدس".

فائدة:

سيأتي في باب: هل يقول إني صائم إذا شتم، عقب قوله: "من ريح المسك" "وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه" (٢)

أما عند لقاء ربه فلما يرى من الخيرات المعدة له وما قدمه، وعند


(١) "عارضة الأحوذي" ٣/ ٢٢٩.
(٢) برقم (١٩٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>