وقال ابن حبيب: هو عنده استحباب إلا أن يعلم أنه أكل بعد الفجر فيصير واجبًا، كمن أفطر وظن أنه قد أمسى ثم ظهرت الشمس (١).
قلت: الخلاف محله إذا لم يبن الحال.
واحتج الأولون بما أسلفناه، وهو القياس، قَالَ تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} الآية، وهو العلم به، وليس الشك علمًا به، ولكن الاحتياط أن لا يأكل في شك، والبناء عَلَى اليقين من قواعد الدين، والشك
مطرح، كما في الشك في الصلاة.
وقد وقع الاتفاق عَلَى أنه إذا أكل يوم الشك أنه لا قضاء عليه إذا لم يبن أنه من رمضان، ومسألتنا كذلك قد أكل في زمن يجوز أن يكون من الليل ومن النهار، فلم يلتفت إلى التحرير مع استصحاب حكم الليل، كما لم نوجب الإعادة في يوم الشك مع استصحاب حكم شعبان، وهذِه المسألة مبنية عَلَى ما إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث.
واحتج من أوجب القضاء بأن الطعام والشراب يحرم عند اعتراض الفجر الآخر وصوم رمضان عليه بيقين، فلا يسقط حكم الصوم إلا بيقين، ومن شك هل أكل قبل الفجر أو بعده؟ فليس بيقين دخوله في الإمساك، وهو كمن شك في الغروب فأكل، وكمن شك في الصلاة، فلا تجزئه الصلاة؛ لأن الوقت عليه بيقين، وكذا لو شك في دخول رمضان وصام عَلَى الشك لم يجزئه من رمضان، وكذا لو شك هل كبر للإحرام لم يجزئه؛ لأن عليه الدخول في الصلاة بيقين كما يدخل في وقتها بيقين، كذلك عليه الدخول في أول جزءٍ من اليوم بيقين، كما عليه الدخول في رمضان بيقين. أعني: الاعتقاد الصحيح. وفرق ابن