للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقيل له، فقال: السمن يبل عروقي والماء يخرج من جسدي (١).

وأجاز ابن وهب وأحمد وإسحق الوصال من سحر إلى سحر احتجاجًا بحديث أبي سعيد الآتي (٢).

فأذن في ذَلِكَ لمن أطاقه من أمته عَلَى النحو الذي يجوز، ونهى عنه من كان غير مطيق له؛ لقوله: "فاكلفوا من العمل ما تطيقون" (٣) بعد أن بين لهم أنه قد أعطي قوة عليه من لم يعط غيره.

قَالَ الطبري: وأما ما روي عن بعض الصحابة وغيرهم من تركهم الأكل الأيام ذوات العدد فإن ذَلِكَ كان منهم عَلَى أنحاء شتى: فمنهم من كان ذَلِكَ منه لقدرته عليه، فيصرف فطره إلى أهل الفقر والحاجة طلبًا للثواب، مثل ما روي عن الحسن قَالَ: لقد أدركنا أقوامًا وصحبنا طوائف إن أحدهم يُمسى وما عنده من العشاء إلا قدر ما يكفيه، ولو شاء لأتى عليه فيقول: ما أنا بآكله حَتَّى أجعل لله منه (٤).

ومنهم من كان يفعله استغناء عنه أو كانت نفسه قد اعتادته، كما روى الأعمش عن التيمي أنه قَالَ: ربما لبثت ثلاثين يومًا ما أطعم من غير صوم إلا الحبة، وما يمنعني ذَلِكَ من حوائجي.

وقال الأعمش: كان إبراهيم التيمي يمكث شهرين لا يأكل ولكنه يشرب شربة من نبيذ (٥).


(١) "تفسير الطبري" ٢/ ١٨٤ (٣٠٣٨). وانظر: "المنتقى" ٢/ ٤٢، "المغني" ٤/ ٤٣٧.
(٢) سيأتي برقم (١٩٦٣).
(٣) سيأتي برقم (١٩٦٦) باب: التنكيل لمن أكثر الوصال، ورواه مسلم (١١٠٣) باب: النهي عن الوصال في الصيام. من حديث أبي هريرة.
(٤) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٢٧٢.
(٥) السابق ٤/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>