للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أيامًا. ولأن في اتخاذه أيضًا قطع تشوف النفس وقلقها والفيض من الله.

الحادية عشرة: أن المرء إذا خرج لتعبده يُعلِم أهله؛ لأنه معرض هو وهم للآفات، ولأن فيه إدخال السرور عليهم (بإعلامه لهم) (١)، وفيه أيضًا الإعلام بموضعه ليرافق في التعبد والانقطاع.

الثانية عشرة: أن الشغل اليسير الضروري لا يكون قاطعًا للعبادة؛ لأنها أخبرت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتحنث الليالي ولم تذكر ذَلِكَ في رجوعه إلى أهله، فدل عَلَى أن ذَلِكَ هو الكثير.

الثالثة عشرة: جواز التورية، وهي إظهار شيء والمراد خلافه إِذَا كان فيه مصلحة؛ لأن جبريل كان يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - غير قارئ، ولكن قَالَ له ذَلِكَ؛ ليتوصل به إلى ما يريد من الغط كما سلف، وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خرج إلى جهة ورى بغيرها، ولو كان غطه له بغير سبب؛ لكان ذَلِكَ زيادة في النفور والوحشة.

الرابعة عشرة: أن أمر السائل إِذَا كان يحتمل وجهين أو وجوهًا فيجاب بأظهرها ويترك ماعداها؛ لأنه لما كان لغط جبريل -عليه السلام- يحتمل طلب القراءة منه - صلى الله عليه وسلم - ابتداء وهو الأظهر ويحتمل طلبها منه لما يلقى إليه، وهو المقصود في هذا الموضع لما ظهر بعد، أجاب - صلى الله عليه وسلم - بالأظهر وهو المعهود من الفصحاء في مخاطباتهم.

الخامسة عشرة: فيه دلالة لمن ذهب من العلماء أن أول الواجبات الإيمان دون النظر، والاستدلال شرط كمال لا شرط صحة؛ لأن قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١]، تمت به الفائدة وحصل به الإيمان المجزئ، وقوله بعده {الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)} [العلق ١: ٢]


(١) في (ج): بإعلامهم.