وهو من حين نبأه الله تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراء، ولا خلفاؤه الراشدون، وقد أقام صلوات الله عليه بمكة قبل الهجرة بضع عشرة سنة، ودخل مكة في عمرة القضاء، وعام الفتح أقام بها قريبًا من عشرين ليلة، وأتاها في حجة الوداع، وأقام بها أربع ليالٍ، وغار حراء قريب منه ولم يقصده، وذلك أن هذا كانوا يأتونه في الجاهلية، لأنه لم تكن لهم هذِه العبادات الشرعية التي جاء بها بعد النبوة صلوات الله عليه، كالصلاة والاعتكاف في المساجد، فهذِه تغني عن إتيان حراء بخلاف ما كانوا عليه قبل نزول الوحي. أهـ. ثم قال في ١٠/ ٣٩٦: وأصحاب الخلوات فيهم من يتمسك بجنس العبادات الشرعية: الصلاة والصيام والقراءة والذكر، وأكثرهم يخرجون إلى أجناس غير مشروعة أهـ. وقال في ١٠/ ٤٠٣: ومما يأمرون به الجوع والسهر والصمت مع الخلوة بلا حدود شرعية، بل سهر مطلق، وجوع مطلق، وصمت مطلق مع الخلوة -كما ذكر ذلك ابن عربي وغيره- وهي تولد لهم أحوالًا شيطانية أهـ. وقال في ١٠/ ٤٠٤: فأما الخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجاب أو استحباب، فالأول كاعتزال الأمور المحرمة ومجانبتها، وأما اعتزال الناس في فضول المباحات وما لا ينفع، وذلك بالزهد فيه فهو مستحب أهـ.