للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجهان: أحدهما: أن البشرية فيها عوالم مختلفة منها العقل وموافقة الملك، ومنها النفس والطبع والشيطان وموافقتهم الهوى والغفلة والعادة المذمومة، وهي أشدها لقول الأمم الماضية: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: ٢٢]. وقد قَالَ الأطباء: إن العادة طبع خامس، فكانت تلك الغطات مذهبة لتلك الخصال الثلاثة وموافقيها، وبقي العقل والملك (اللذين) (١) هما قابلان للحق والنور، وإن كان - صلى الله عليه وسلم - مطهرًا من الشيطان ومثل ذَلِكَ قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] وثيابه لا شك في طهارتها عَلَى كل تأويل، لكن هذا مقتضى الحكمة في تكليف البشرية وترقيها.

الثاني: أن (الدين) (٢) عَلَى ثلاث مراتب إيمان وإسلام وإحسان، فكانت تلك الغطات مبالغة في التحلي بكلها؛ لأن إيمانهم أقوى من إيمان أتباعهم لعلو مقامهم.

الرابعة بعد العشرين: فيه دلالة عَلَى أن التحلي مكتسب وفيض من الرب جل جلاله، وقد جمعا له - صلى الله عليه وسلم - بالتحنث والغط، وقد يجتمعان لأفراد من أمته، وقد ينفرد بعض بالكسب وبعض بالفيض كالفضيل (٣)


(١) كذا في الأصول و"بهجة النفوس".
(٢) في (ج): الإيمان. وهو الذي في "بهجة النفوس".
(٣) هو الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، الإمام القدوة الثبت، شيخ الإسلام، أبو علي التميمي، المجاور بحرم الله، قال النضر بن شميل: سمعت الرشيد يقول: ما رأيت في العلماء أهيب من مالك، ولا أورع من الفضيل، روي في زهده وورعه الكثير.
انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" ٤/ ٤٧، "تهذيب الكمال" (١١٠٤)، "سير أعلام النبلاء" ٨/ ٤٢١ (١١٤)، "تذكرة الحفاظ" ١/ ٢٤٥، "شذرات الذهب" ١/ ٣٦١.