للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوجب القضاء أن الكفارة عقوبة للذنب الذي ارتكبه، والقضاء بدل عما أفسده، وكما لا يسقط عن المفسد حجه بالوطء إذا أهدى البدل فكذلك هنا، واعتل من لم يوجبه أنه ليس في خبر عائشة ولا أبي هريرة في نقل الحفاظ ذكر القضاء، فيقال له: قد روي من طرق فيها ذكر القضاء لكنها متكلم فيها (١)، وقد أوضحتها في "تخريج أحاديث الوسيط" فناقشنا ابن حزم؛ فإنه وهَّاها أجمع؛ بسبب أبي أويس وهشام بن سعد وعبد الجبار بن عمرو (٢)، وذكر ابن بطال منها حديثًا واحدًا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ثم قال: وهو من مرسلات سعيد بن المسيب، وهي حجة عند الفقهاء، وكتاب الله يشهد لصحتها حيث قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤، ١٨٥] ولا تبرأ الذمة إلا بيقين الأداء وهو قضاء اليوم (٣).

وفي إعطائه - عليه السلام - للرجل الصالح ليتصدق به، حجة لمالك في اختياره الإطعام في كفارة المفطر في رمضان (٤)؛ لأنه شبه البدل من الصيام، ألا ترى أن الحامل والمرضع والشيخ الكبير والمفرط في قضاء رمضان حَتَّى يدخل عليه رمضان آخر لا يؤمر واحد منهم بعتق ولا صيام مع القضاء، وإنما يؤمر بالإطعام، هذا مأخوذ من قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين} [البقرة: ١٨٤] (٥) وذكر أبو عبيد عن الأصمعي قال:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "المحلى" ٦/ ١٨١.
(٣) "شرح ابن بطال" ٤/ ٧٢. وحديث عمرو بن شعيب، رواه ابن عبد البر في "لتمهيد" ٧/ ١٦٨، ومرسل سعيد بن المسيب رواه مالك في "الموطأ" ص ١٩٨ كتاب: الصيام، باب: كفارة من أفطر في رمضان.
(٤) "المدونة" ١/ ١٩١.
(٥) وذكرها المصنف -رحمه الله- هنا على قراءة نافع وابن عامر فقرأ: (مساكين) بالجمع، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: (مسكين) بالإفراد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>