للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من ذَلِكَ الذنب، وقريب منه دعوى نسخه كما حكاه ابن التين، ولم يذكر ناسخه، وفي سقوطها قولان للشافعي وأحمد أظهرهما: لا، كسائر الكفارات، وهو قياس قول أبي حنيفة والثوري وأبي ثور وعيسى بن دينار؛ ولأنه - عليه السلام - أمره أن يكفر بما دفعه إليه مع إخباره بعجزه؛ فدَّل على ثبوتها في الذمة مع العجز (١).

والقول الثاني: سقوطها كزكاة الفطر؛ ولأنه - عليه السلام - لم يذكر ذَلِكَ للأعرابي مع جهله الحكم، وهو قول الأوزاعي، وأحمد في رواية (٢)، وللأول أن يجيب بأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز. وكلام القاضي أبي الطيب من أصحابنا يقتضي أن الثابت في ذمته أحد الخصال الثلاث، فيكون مخيرًا فيها، وكلام صاحب "التنبيه" يقتضي أنه الإطعام خاصة. وقد شرعها لأجل من لا تلزمه نفقته. وللشافعي في "الأم" احتمالان في الحديث، فيحتمل أنه - عليه السلام - تطوع بالتكفير عنه، وشرع له صرفه إلى الأهل والعيال، فتكون فائدة الحديث أنه يجوز للغير التطوع بالكفارة عن الغير بإذنه، وأنه يجوز للمتطوع صرفها إلى أهل المكفر عنه وعياله، ويحتمل أنه لم يملكه ذلك، وإنما أراد أن يملكه ليكفر فلما أخبره بحاجته صرفه إليه دفعة، ويحتمل أنه ملكه وأمره بالتصدق به، فلما أخبره بحاجته أذن له في أكله وإطعامه لعياله ليبين أن الكفارة إنما تجب إذا فضل عن الكفاية (٣).

وقال المهلب: قوله كله دليل على أنه إذا وجب على معسر كفارة إطعام وكان محتاجًا إلى إبقاء رمق نفسه وأهله، أن يؤثرها بذلك


(١) "المغني" ٤/ ٣٨٥.
(٢) "المغني" ٤/ ٣٨٥.
(٣) "الأم" ٢/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>