وأطنب ابن القطان في الرد عليه ومناقشة النسائي فقال: هو خطأ، وإنما هو قول النسائي تلقاه عنه، ولم ينظر فيه، ولا تفقَّد صحته، ولا نقله عنه كما قاله، فإن النسائي إنما قال: لم يسمع هذا الحديث محمد بن عبد الرحمن من جابر، فقال هو لم يسمع من جابر، هكذا بإطلاق، وزاد من عنده أنه ابن ثوبان، وأصاب في ذلك، ولكنه لم يصب من حيث القضاء عليه بأنه لم يسمع من جابر. والنسائي إنما قال فيه: إنه لم يسمع من جابر هذا الحديث، وذلك أنه اعتقد فيه أنه رجل آخر. وبيان اتصال الحديث المذكور وأنه ليس بمنقطع كما ذكر، فهو بأن تعلم أنه حديث يرويه رجلان، كل واحد منهما يقال له: محمد بن عبد الرحمن؛ أحدهما: ابن ثوبان، والآخر: ابن سعد بن زرارة، وهذا هو الذي لم يسمعه من جابر، فأما ابن ثوبان فإنه يقول فيه: حدثني جابر. ثم ذكر ابن القطان حديث النسائي (٢٥٦٦) وقال: هذا إسناد صحيح متصل، يذكر كل واحد منهم: حدثني، حتى انتهى ذلك إلى محمد بن عبد الرحمن فقال: حدثني جابر. وهذا هو الذي أورد أبو محمد وفسر محمد بن عبد الرحمن، بأنه ابن ثوبان، وأصاب في ذلك، وأخطأ في قوله: لم يسمع من جابر، وهو يروى من قوله ويسمع حدثني جابر. والذي بعده من قول النسائي: هذا خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من جابر. نبين الآن -إن شاء الله- أنه إنما قال ذلك معتقدًا أنه محمد بن عبد الرحمن بن سعد، لا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وذلك أن كل ما أورد بعده منقطعًا، إنما هو لمحمد بن عبد الرحمن بن سعد، لا لابن ثوبان. ثم ساق طرق النسائي طريقًا طريقًا وناقش جميعها، فمن أراد الاستزادة فليراجع "بيان الوهم والإيهام" ٢/ ٥٧٧ - ٥٨٢ فإنه شفى فيه وكفى. =