للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيره (١)، وللبيهقي: أن صهيبًا أفطر في يوم غيم فطلعت الشمس فقال: طعمة الله، أتموا صومكم إلى الليل واقضوا يومًا مكانه (٢).

إذا تقرر ذَلِكَ فجمهور العلماء يقولون بالقضاء في هذِه المسألة. وقد روي ذَلِكَ عن عمر بن الخطاب من رواية أهل الحجاز وأهل العراق، وأما رواية أهل الحجاز فروى ابن جريج عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: أفطر الناس في شهر رمضان في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير، وقد اجتهدنا نقضي يومًا. هكذا قال ابن جريج، وعن زيد بن أسلم، عن أبيه وهو متصل (٣)، ورواية مالك في


= اثبت. اهـ. "مجموع الفتاوى" ٢٠/ ٥٧٢ - ٥٧٣.
وقال الذهبي أيضًا متعقبًا البيهقي: لعله تغير اجتهاد عمر فيكون له في المسألة قولان. اهـ. "المهذب" ٤/ ١٥٩٢. فكأنه حاول أن يجمع بين الأحاديث، والله أعلم.
ورد العلامة ابن القيم على البيهقي فقال: فيما قال البيهقي نظر، فإن الرواية لم تتظاهر عن عمر بالقضاء، وإنما جاءت من رواية علي بن حنظلة، عن أبيه وكان أبوه صديقًا لعمر فذكر القصة، وقال فيها: من كان أفطر فليصم يومًا مكانه؛ ولم أر الأمر بالقضاء صريحًا إلا في هذِه الرواية، وأما رواية مالك فليس فيها ذكر للقضاء ولا لعدمه؛ فتعارضت رواية حنظلة ورواية زيد بن وهب، وتفضلها رواية زيد بن وهب بقدر ما بين حنظلة وبينه من الفضل، وقد روى البيهقي -بإسناد فيه نظر [وسيأتي]- عن صهيب أنه أمر أصحابه بالقضاء في قصة جرت لهم مثل هذِه، فلو قدر تعارض الآثار عن عمر لكان القياس يقتضي سقوط القضاء؛ ولأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان نفس الصوم ولو أكل ناسيًا لصومه لم يجب عليه قضاؤه، والشريعة لم تفرق بين الجاهل والناسي فإن كل واحد منهما قد فعل ما يعتقد جوازه وأخطأ في فعله، وقد استويا في أكثر الأحكام وفي رفع الآثام فما الموجب للفرق بينهما في هذا الموضع. اهـ. "حاشية ابن القيم" ٣/ ٣٤٧.
(١) "الاستذكار" ١٠/ ١٧٥.
(٢) "سنن البيهقي" ٤/ ٢١٧ - ٢١٨، وبنحوه رواه البخاري في "التاريخ الكبير" ٤/ ٢١٩ - ٢٢٠. قال ابن القيم في "الحاشية" ٣/ ٣٤٧: إسناده فيه نظر، وقد تقدم.
(٣) رواه عنه عبد الرزاق ٤/ ١٧٨ (٧٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>