إلا أن يكون نوى عدمه، وبه قال الأوزاعي: لا يقضيهما إلا أن يكون نوى أن يصومهما. قال ابن القاسم: والأحب إليَّ أن لا قضاء إلا أن ينويه. وقال أبو حنيفة وصاحباه: يقضيهما، واختلف قول الشافعي فأثبته مرة، وبه قال الأوزاعي، ونفاه أخرى، وبه قال زُفر.
والقياس المنع؛ لأن من نذر صوم يوم بعينه أبدًا هل يدخلان؟ فإن
قلنا به فلا، لبطلانه؛ وإلا فهو أبعد من أن يجب عليه قضاؤه، فإن قلت: ما الحكمة في النهي عن صومهما؟ قلت: أما عيد الفطر؛ فلأنه إذا تطوع فيه بالصوم لم يبن المفروض من غيره، ولهذا استحب الأكل قبل الصلاة وليتحقق انقضاء زمن مشروعية الصوم.
وأما يوم النحر: ففيه دعوة الله تعالى التي دعا عباده إليها من تضييفه، وإكرامه أهل منى وغيرهم بما شرع لهم من ذبح النسك والأكل فيها، فمن صامه فقد رد على الله كرامته، نبه عليه ابن الجوزي، وقد نبه عليه البيهقي أيضًا في "فضائل الأوقات" حيث قال: والمعنى في فطر الحاج هذِه الأيام ما أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، ثم ساقه إلى علي رضي الله عنه أنه سئل عن الوقوف في الجبل ولم يكن في الحرم؛ قال: لأن الكعبة بيت الله والحرم باب الله، فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون، قيل: فالوقوف بالمشعر. قال: لأنه لما أذن لهم بالدخول إليه وقفهم بالحجاب الثاني: وهو المزدلفة، فلما طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم بمنى، فلما أن قضوا تفثهم وقربوا قربانهم فتطهروا بها من الذنوب التي كانت لهم، أذن بالزيارة إليه على الطهارة.
قيل: فمن أين حرم الصيام في أيام التشريق؟ قال: لأن القوم زوَّار