للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في مقداره، ولا يدخل في قولِ أخرى في شيء مما بيده، منهم الشافعي، وحكي أنه قول جماعة من المدنيين.

قَالَ الطحاوي: وقد روي عن عبد الله بن الزبير أنه كان لزمعة جارية يطؤها، وكان يظن برجل يقع عليها، فمات زمعة وهي حامل، فولدت غلامًا كان يشبه الرجل الذي يظن بها فذكرته سودة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أما الميراث فله وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس بأخ لك" ففيه نفي الأخوة (١). واحتمل قوله: "أما الميراث فله" أن يكون المراد به الميراث الذي وجب له في قصة عبد بإقراره به لا فيما سواه من تركه زمعة.

سادسها؛ فائدة: فيه -كما قَالَ أبو عمر-: الحكم بالظاهر إذ حكم للولد بالفراش ولم يلتفت للشبه، وكذلك حكم في اللعان بظاهر الحكم، ولم يلتفت إلى ما جاءت به عَلَى النعت المكروه. وحكم الحاكم لا يحل الأمر في الباطل لأمره سودة بالاحتجاب (٢).

وأما حديث عدي فذكره هنا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أفتاه بالشدة عن الشبهة أيضًا؛ خشية أن يكون الكلب الذي قتله غير مسمًّى عليه كما أسلفناه، فكأنه أهل به لغير الله، وقد قَالَ تعالى في ذَلِكَ {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] فكانت في فتياه باجتناب الشبهات دلالة عَلَى اختيار القول في الفتوى بالأحوط في النوازل والحوادث المحتملة للتحليل والتحريم الذي لا يقف عَلَى حلالها وحرامها؛ لاشتباه أسبابها، وهذا معنى الحديث السالف: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٣) أي: دع ما تشك فيه ولا تتيقن إباحته، وخذ ما لا يشك فيه ولا التباس، وقال ابن المنذر عن بعضهم: الشبهة تنصرف ثلاثة أقسام:


(١) "شرح معاني الاثار" ٣/ ١٥٥.
(٢) "التمهيد" ٨/ ١٨٢.
(٣) تقدم تخريجه أول الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>