للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيهما: أن زمعة مات كافرًا فلم ترثه سودة كما سلف وورثه عبد.

وقال مالك: لا يستلحق إلا الأب خاصة (١)، واعتذر عنه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لعله علم أنه بالفراش.

خامسها: قَالَ الطحاوي: جعل بعض الناس دعوى سعد دعوى ادعاها لأخيه من أمةٍ لغيره لا تزويج بينهما (٢)، وليس كما قَالَ؛ لأنه أعلم من أن يدعي دعوى لا معنى لها، ووجه دعواه أن أولاد البغايا في الجاهلية قد كانوا يُلحقونهم في الإسلام بمن ادَّعاهم، وقد كان عمر بن الخطاب يحكم بذلك عَلَى بعده من الجاهلية، فكيف في عهده - صلى الله عليه وسلم - مع قربه من الجاهلية! فإن ما ادَّعى سعد ما كان يحكم له به؛ لأنه بمنزلة أخيه في ذَلِكَ الذي قد توفي بعهده فيه؛ لولا أن عبد بن زمعة قابل دعواه بدعوى توجب عتاقه للمدِّعي فيه؛ لأنه كان يملك بعضه بكونه ابن أمة أبيه، فلما ادَّعى الأخوة عتق منه حظه، وكان ذَلِكَ هو الذي أبطل دعوى سعد فيه لا لأنها كانت باطلة، ولم يكن من سودة تصديق لأخيها عبد عَلَى ما ادَّعاه من ذَلِكَ، فألزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أقر به في نفسه وخاطبه بقوله: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" ولم يجعل ذلك حجة عليها، وأمرها بالحجاب منه، إذ لم يجعله أخاها، وكيف يجوز أن يجعله أخاها ويأمرها بالاحتجاب منه، وهو قد أنكر عَلَى ذَلِكَ احتجابها من عمها من الرضاعة (٣)؟

فائدة: لا خلاف أن من مات وبيده عبد فادَّعى بعض بني المتوفي أنه أخوه أنه لا يثبت له بتلك الدَّعوى نسب من المتوفي، وأنه يدخل مع المدعي في ميراثه عند أكثر أهل العلم، وإن كان ما يدخل منه مختلفًا


(١) انظر: "المنتقى" ٦/ ٧، ٨.
(٢) "مشكل الآثار" ٤/ ٣٥ تحفة.
(٣) سيأتي برقم (٢٦٤٤)، ورواه مسلم (١٤٤٥) والمذكورة في الحديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>