ورفعها من الأرض وإكرامها بالأكل دون تعريفها؛ استدلالًا بقوله:
"لأَكَلْتُهَا" وأنها مخالفة لحكم اللقطة، وسيأتي ذَلِكَ في كتاب: اللقطة. وحديث أنس وحديث أبي هريرة يدل أنهما واقعتان، وجد تمرة في الطريق والثانية عَلَى فراشه.
وأما حديث عائشة فإقراره لهم عَلَى هذا السؤال وجوابه لهم يدل عَلَى اعتبار التسمية إما عند الذبح أو عند الأكل، والتسمية عند الأكل مستحبة، وظاهره أنها تنوب عن التسمية عند الذكاة، لا كما نفاه ابن التين وابن الجوزي حيث قال: قوله: "سَمُّوا وَكُلُوا" ليس يعني أنه يجزئ عما لم يسم عليه ولكن؛ لأن التسمية عند الطعام سنة، ويستباح بها أكل ما لم يعرف أَسُمِّي عليه أم لا إذا كان الذابح ممن تصح ذكاته إذا سمى.
قَالَ الداودي: أمر - صلى الله عليه وسلم - ألا نظن بالمسلمين إلا خيرًا، وأن نحمل أمرهم عَلَى الصحة حَتَّى يتبين غيره.
وقال مالك في "الموطأ": هذا كان في أول الإسلام قبل أن تنزل آية التسمية (١). وقد روى ذَلِكَ مبينًا في حديث عائشة: أن الذابحين كانوا حديثي عهد بالإسلام وممن يصح أن لا يعلموا أن هذا شرع، وأما الآن فقد استبان ذَلِكَ حَتَّى لا نجد من لا يعلم أنها مشروعة، ولا نظن بالمسلمين تركها، فليسم إذا أكل، ويسمي الآكل لما يخشى من النسيان، قاله الداودي، وهي نزعة مالكية.
وقال ابن بطال: في جواب هذا منه - صلى الله عليه وسلم - من الأخذ بالحزم في ذَلِكَ؛ خشية أن ينسى الذي صاده التسمية، وإن كانت التسمية عند الأكل غير