وقد كان عمر بن الخطاب يقول: إن كنت كتبتني شقيًا فامحني، كما سلف، وما قَالَ: إن كنت علمتني؛ لأن ما علم وقوعه لا بد أن يقع. ويبقى عليه إشكال، وهو أنه إذا كان المحتوم واقعًا فما في أفاده زيادة المكتوب ونقصانه.
وجوابه: أن المعاملات عَلَى الظواهر، والمعلوم الباطن خفي لا يعلق عليه حكم، فيجوز أن يكون المكتوب يزيد وينقص ويمحى ويثبت، ليبلغ ذَلِكَ عَلَى لسان الشارع إلى الآدمي، فيعلم فضيلة البر وشؤم العقوق. ويجوز أن يكون هذا مما يتعلق بالملائكة، فتؤمر بالإثبات والمحو، والعلم الحتم لا يطلعون عليه، ومن هذا إرسال الرسل إلى من لا يؤمن.
خامسها: إن زيادة الأجل تكون بالبركة فيه، وتوفيق صاحبه بفعل الخير، وبلوغ الأغراض، فينال في قصر العمر ما يناله غيره في طويله.
وادعى الحكيم الترمذي أن المراد بذلك قلة المقام بالبرزخ. ولا أدري ما هذا!؟
قَالَ القاضي عياض: لا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، والأحاديث تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها فوق بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام. ويختلف ذَلِكَ باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعًا، ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له ألا يسمى واصلًا.
واختلف في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: في كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام وأولاد الأخوال.