للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: ذلك بأنه - عليه السلام - قال: "لك الخيار" (١) ولم يقل له: اشترط الخيار. وقال له: ("قُلْ: لَا خِلَابَةَ") أي: لا خديعة، فلو كان الغبن مباحًا لم يكن لقوله: "لا خِلابة" معنًى، ولم ينفعه ذلك، فلما كان ذلك ينفعه جعل له الشارع الخيار بعد ذلك، لينظر فيما باعه ويسأل عن سعره ويرى رأيه فيه، وإنما جعل ذلك في حبان ليعلمنا الحكم في مثله، وإنما تعرف الأحكام بما يبينه، فبين من يغبن في بيعه إذا لم يكن عارفًا بما يبيعه. وأيضًا فقد جعل الشارع الخيار للمتلقي لأجل الغبن، واعترضه ابن حزم بأن فيه الخيار إلى دخول السوق، ولعله لا يدخله إلا بعد عام أو أكثر (٢).

قلت: خلاف الغالب، وأيضًا لو ابتاع سلعةً فوجد بها عيبًا كان له الخيار في الرد لأجل النقص الموجود بها، فلا فرق بين أن يجد النقص بالسلعة أو بالثمن؛ لأنه في كلا الموضعين قد وجد النقص في يخرج به عن القصد، ولا يرد الغبن اليسير؛ لاحتماله غالبًا.

وذكر ابن حبيب عن مالك أنه سُئل عن جاهل باع حجرًا أو درة بدرهمين فألفاه، أي: وجده المشتري ياقوتة فلم ير فيه رجوعًا؛ لأن الغلط ماض على البائع والمبتاع في المساومة، وإنما يرد في البيع على المرابحة، إلا أن يبيعه بائعه على أنه زجاج فألفاه المشتري ياقوتة، فإنه يرد البيع، وكذلك لو باعه على أنه ياقوت فألفاه المشتري زجاجًا، يُرد أيضًا (٣).

وزعم ابن عبد البر أن هذا خاص بحبان، وأن الغبن بين المتبايعين


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "المحلى" ٨/ ٣٧٣.
(٣) انظر: "المنتقى" ٥/ ١٠٨، "تبصرة الحكام" ٢/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>