للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن التين في قوله: (كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام): هذا للرفق بأهل السوق. ومعناه: أنهم لم يتلقوا الركبان لعلهم قدموا معهم، أو أمروا بهم أو لقوهم من غير قصد التلقي، ويدل عليه اشتراء النبي - صلى الله عليه وسلم - من جابر وعمر (١). وهذا الحديث أبين ما روي عن ابن عمر في هذا، وقد روى مالك عنه: كانوا يشترون الطعام فيبعث إليهم من يأمرهم بانتقاله (٢)، فتأول قوم ذلك أنهم أمروا بالانتقال ليوسعوا على أهل الأسواق، وتأوله قوم على أن الجزاف من الطعام لا يباع حتى ينقل، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي (٣)، واختلف قول مالك في استحباب ذلك، فعنه في "المدونة": لا بأس ببيعه قبل قبضه (٤). قال القاضي في "إشرافه": إذا خلا البائع بينه وبينه، وعنه في "العتبية" كراهة بيعه حتى ينقل، وبه قال ابن حبيب وابن الجلاب. وهذا الحديث هنا مبين أنهم كانوا يشترون من الركبان. وقيل: إنما منع من بيع الجزاف قبل نقله؛ لئلا يشترى منه في باعه فيكون دراهم بدراهم أكثر منها (٥).


(١) حديث جابر سلف برقم (٢٠٩٧) كتاب: البيوع، باب: شراء الدواب والحمير.
وحديث عمر سيأتي برقم (٢١١٥) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا فوصب من ساعته.
(٢) "الموطأ" ص ٣٩٧.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" ٤/ ٤٠، "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ٤٦٣، "المجموع" ٩/ ٣٢٦.
(٤) "المدونة" ٣/ ١٧٠.
(٥) انظر: "المنتقى" ٤/ ٢٨٠، ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>