للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرع من قبلنا. وكذا قوله: " (كِلْ لِلْقَوْمِ". فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ) وجابر هو الغارم عن أبيه، وهو لائح؛ لأن من باع شيئًا مسمًى ومقدارًا معروفًا من طعام فعليه أن يعينه ويميزه مما سواه، وكذلك من ابتاع بدراهم موزونة معلومة يعطيها للبائع فعليه الوزن والانتقاء، كذا قاله ابن بطال معللًا بأن عليه تعيين ما باعه من الدراهم بالسلعة (١).

وعندنا أن مؤنة الكيل على البائع، ووزن الثمن على المشتري. وفي أجرة النقاد وجهان، وينبغي أن تكون على البائع، وأجرة النقل المحتاج إليها في تسليم المنقول على المشتري صرح به المتولي، وقال بعض أصحابنا: على الإمام أن ينصب كيَّالًا ووزَّانًا في الأسواق ويرزقهما من سهم المصالح، ثم إذا تولى ما ذكرناه أحد المتبايعين وجب عليه العدل وحرم عليه التطفيف. والأولى للباذل أن يزيد يسيرًا للاحتياط، وللبائع إن تولاه أن ينقص يسيرًا.

قال الغزالي: وكل من خلط مع الطعام ترابًا أو وزن مع اللحم عظامًا لم تجر العادة بها فهو من المطففين، وكذا إذا جرَّ البزاز الثوب مع الذراع عند بيعه لغيره.

وقال ابن التين: ومعنى ("إِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ") أي: استوف كما سلف، ليس أن الكيل على البائع والكيل على المشتري، وهذا تضاد لو كان هكذا.

وحديث جابر: فيه: الشفاعة في وضع بعض الدين.

وفيه: تأخير الغريم بمقدار ما لا يضر بأهل الدين، وكان غرماؤه يهود فلم يشفعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي (٢).


(١) "شرح ابن بطال" ٦/ ٢٥٢.
(٢) برقم (٥٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>