للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يجوز بيعه قبل قبضه (١)، وروي عن مالك أيضًا، وقال ابن عبد الحكم: إنه استحسان من قوله (٢).

وقالت طائفة: يجوز بيع الطعام الجزاف قبل قبضه، روي ذلك عن عثمان بن عفان، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن البصري والحكم وحماد، وهو المشهور عن مالك، وبه قال الأوزاعي وإسحاق، حجة القول الأول ظاهر حديث ابن عمر، وعموم نهيه عن بيع الطعام قبل استيفائه، فدخل فيه الجزاف والكيل، وقد أشار ابن عباس إلى أنه إذا باعه قبل قبضه أنه دراهم بدراهم والطعام لغو، فأشبه عنده العينة. قال الأبهري: العينة من باب سلف جر منفعة.

والحجة للثاني أن من باع جزافًا فلم يبع إلا ما وقعت حاسة العين عليه، ولذلك سقط الكيل عن البائع، والاستيفاء إنما يكون بالكيل أو الوزن، هذا مشهور عند العرب، ويشهد لذلك قوله تعالى {فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ} [يوسف: ٨٨] و {وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} [الإسراء: ٣٥] {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)} [المطففين: ٢] فإنما عنى بالاستيفاء في المكيل والموزون خاصة، وما عدا هذِه الصفة فلم يبق فيه إلا التسليم فيما يستوفى من جزاف الطعام كالعقار وشبهه.

فإن قلت: لو كان كما زعمتم لم يتأكد النهي عن ذلك بضرب الناس عليه، فدل على أن حكم الجزاف حكم المكيل.

فالجواب: أنهم إنما أمروا بانتقال طعامهم وإن كان جزافًا؛ لأنهم


(١) انظر: "مشكل الآثار" ٤/ ١٩٢ - ١٩٣، "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ١٤٥٩ - ١٤٦٠، "المبسوط" ١٣/ ٩، "البيان" ٥/ ٦٧ - ٦٨، "المجموع" ٩/ ٣٢٧ - ٣٢٨، "المغني" ٦/ ١٨٨ - ١٩١.
(٢) انظر: "المدونة" ٣/ ١٦٦، "المنتقى" ٣/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>