للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يؤذن له، كما أخرجه البيهقي في "دلائله" (١) وغيره- فأعدَّ ذلك.

وفيه: أنَّ الافتراق الذي يتم به البيع في قوله: "البيعان بالخيار ما لم يفترقا" (٢) إنما يكون بالكلام عند من يراه لا بالأبدان، لقوله - عليه السلام - لأبي بكر: "قد أخذتها بالثمن" قبل أن يفترقا، وتم البيع بينهما، وسيأتي بعض معانيه في باب: التقنع، من اللباس إنْ شاء الله (٣).

وبهذا الحديث أخذ مالك وأحمد وأبو حنيفة أنَّ بيع العين الغائبة على الصفة جائز، ومنعه الشافعي في أظهر قوليه، وجائز عند مالك أنْ يبيع على أن المشتري بالخيار إذا رأى، وأنكره البغداديون من أصحابه.

قال ابن التين: اختلف قول مالك في ضمان ما اشتري على الصفة وهو غائب، فقال مرة: هو من البائع، وبه أخذ ابن القاسم. وقال مرة: من المشتري، وبه أخذ أشهب.

وعند أبي حنيفة أنَّ البيع جائز، وإن لم يشترط المشتري الخيار، ويجب له الخيار حكمًا، ويستدل بهذا الحديث، وأنه - عليه السلام - أخذها بالثمن، ولم يذكر شرط خيار رؤية، ودليل البغداديين: أنه عقد عَري عن الصفة فكان فاسدًا كالسلم إذا عري عنها.

وفي "تاريخ دمشق" وغيره: أنَّ الصديق لمَّا قدَّم الناقة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليركبها، قال: "لا أركب ناقة ليست لي" قال: هي لك، قال: "بالثمن" (٤).


(١) "دلائل النبوة" ٢/ ٤٧١ - ٤٧٥.
(٢) سلف برقم (٢٠٧٩) باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا.
(٣) انظر شرح الحديث الآتي برقم (٥٨٠٧) كتاب: اللباس، باب: التقنع.
(٤) "تاريخ دمشق" ٣٠/ ٧٧ - ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>