للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال سليمان بن يسار: هو من المشتري، سواء حبسه البائع ومنعه من الثمن أم لا. ورجع إليه مالك.

احتج الأولون بفساد بيع الصرف قبل القبض، فدل أنه من ضمان البائع، ولا خلاف أنَّ من اشترى طعامًا مكايلة فهلك قبل القبض في يد البائع أنه من البائع، فكذا ما سواه قياسًا، والشارع قد نهى عن بيع ما لم يقبض؛ لأنه لم يضمن. وفرَّق غيرهم بين الصرف وبين ما نحن فيه بانتفاء حق التوفية هنا.

قيل: وإنما نهى عن بيع ما لم يقبض إذا لم يضمن بدليل إتلاف المشتري، فإنه قبض.

ووجه استدلال البخاري بحديث عائشة هنا أنَّ قوله - عليه السلام -: "قد أخذتها" في الناقة لم يكن أخذًا باليد، ولا بحيازة شخصها، وإنما كان التزامه؛ لأنه باعها بالثمن وإخراجها من ملك أبي بكر؛ لأنَّ قوله: "قد أخذتها" يوجب أخذًا صحيحًا وإخراجًا للناقة من ذمة الصديق إليه بالثمن الذي يكون عوضًا عنها، فهل يكون الضياع أو التصرف بالبيع قبل القبض إلَّا لصاحب الذمة الضامنة لها؟

وفيه من الفقه: إخفاء السر في أمر الله -عز وجل- إذا خشي من أهل العصر.

وفيه: أنَّ الصديق أوثق الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه من أمنِّ الناس عليه في صحبته وماله؛ لأنه لم يرغب بنفسه عنه في حضر ولا سفر ولا استأثر بماله دونه.

ألا ترى أنه أعطاه إحدى ناقتيه بلا ثمن فأبى إلَّا به، وسره حتى تكون الهجرة خالصة لله.

وفي استعداد الصديق الناقتين دلالة على أنه أفهم الناس لأمر الدين، لأنه أعدهما قبل أن ينزل الإذن بالهجرة، لأنه قبل ذلك رجا أنه لا بد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>