للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال صاحب "المطالع": يأتي كثير من الأحاديث على لفظ الخبر، وقد يأتي بلفظ النهي، وكلاهما صحيح.

وقال ابن الأثير: كثير من روايات الحديث "لا يبيع" بإثبات الياء، والفعل غير مجزوم، وذلك لحن وإنْ صحت الرواية فتكون لا نافية، وقد أعطاها معنى النهي، لأنه إذا نفي أنْ يوجد هذا البيع، فكأنه قد استمر عدمه، والمراد من النهي عن الفعل: إنما هو طلب إعدامه أو استبقاء عدمه، فكان النفي الوارد من الواجب عندهم يفيد ما يراد من النهي (١)، ولما قرر ابن حزم حرمة ذلك -أعني: البيع على البيع، والسوم على السوم، وأنَّ الذمي كالمسلم فيه، وأنَّه إنْ فعل فالبيع مفسوخ- قال: هذا خبر معناه الأمر، لأنه لو كان معناه الخبر لكان خلفًا لوجود خلافه، والخلاف مقطوع ببعده عن الشارع (٢).

وقال النووي: في جميع النسخ: "ولا يسوم" بالواو يعني في مسلم، وكذا "لا يخطب" مرفوع وكلاهما لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي، وهو أبلغ في النهي، لأنَّ خبر الشارع لا يتصور وقوع خلافه، والنهي قد يقع خلافه، فكان المعنى عاملوا هذا النهي معاملة الخبر المتمم (٣).

فإن قلت: ترجم على السوم، ولم يذكره.

قلت: كأن البيع هنا السوم، وبه صرح مالك في "الموطأ" (٤).

وقال أبو عبيد: قال أبو عبيدة وأبو زيد وغيرهما: البيع هنا الشراء والنهي وقع عليه لا على البائع؛ لأنَّ العرب تقول: بعت الشيء بمعنى


(١) "شرح مسند الشافعي" ٤/ ٦٠ - ٦١.
(٢) "المحلى" ٨/ ٤٤٧ - ٤٤٨ بتصرف.
(٣) "مسلم بشرح النووي" ٩/ ١٩٢.
(٤) "الموطأ" ص ٤٢٤ - ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>