للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف العلماء في بيع المزايدة، فأجازها الأربعة وأكثر العلماء في المغانم وغيرها. وكان الأوزاعي يكره المزايدة إلا في الغنائم والمواريث، ولعل عمدته ما سلف، لكنه منكر، وهو قول إسحاق، وروي عن أبي أيوب وعقبة بن عامر كراهية الزيادة، وعن إبراهيم النخعي أنه كره بيع من يزيد.

قال مالك: لو ترك الناس السوم عند أول من يسوم بها أخذت بشبهة الباطل من الثمن، ودخل على الباعة في سلعهم المكروه، ولم يزل الأمر عندنا على ذلك، وحديث الباب حجة على من كرهه؛ لأنه قد قال: "من يشتريه مني"؟ فعرضه للزيادة، وأحب أن يستقصي فيه للمفلس الذي باعه عليه.

وهذا الحديث يفسر نهيه أن يسوم الرجل على سوم أخيه أو يبيع على بيع أخيه أنه أراد بذلك إذا تقاربا من تمام البيع كما قال جمهور الفقهاء. وعلى هذا المعنى حمل العلماء ما روي عن أبي أيوب وعقبة أن ذلك بعدما رضي البائع ببيعه الأول. وفي "المستخرجة" لابن القاسم: إذا وقع على رجلين يكونان شريكين. قال عيسى: لا يعجبني ذلك من قوله، وهو الأول. قال: ولا ينبغي للصالح أن يقبل من أحد مثل الذي أعطاه غيره، وإنما يقبل الزيادة وبها ينادي.

واعلم أن البخاري ترجم على الحديث أيضًا: باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء أو أعطاه حتى ينفق على نفسه (١).

واعترض ابن التين على ترجمته هنا فقال: ليس فيه بيان لما بوب عليه من بيع المزايدة؛ لأنه إنما قال: "من يشتريه مني"؟ وكذا قال


(١) سيأتي برقم (٢٤٠٣) كتاب في الاستقراض.

<<  <  ج: ص:  >  >>