للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وظهر أنَّ بيع الملامسة والمنابذة غير جائز، وهو من بيع الغرر والقمار؛ لأنَّه إذا لم يتأمل ما اشتراه ولا علم صفته فلا يدري حقيقته وهو من أكل المال بالباطل.

وقد سلف اختلاف العلماء في بيع الأعيان الغائبة. قال مالك: لا يجوز بيعها حتى يتواصفا، فإن وجد على الصفة لزم المشتري، ولا خيار له إذا رآه، وإن كان على غيرها فله الخيار، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور، وروي مثله عن محمد بن سيرين (١)، وحكاه ابن حزم عن أيوب والحارث العكلي والحكم وحمَّاد (٢).

وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: يجوز بيع الغائب على الصفة وغير الصفة، وللمشتري خيار الرؤية إن وجد على الصفة، وروي مثله عن ابن عباس والشعبي والنخعي والحسن البصري ومكحول

والأوزاعي وسفيان، وللشافعي قولان: أحدهما كقول أبي حنيفة، وأظهرهما المنع، وهو قول الحكم وحمَّاد فيما حكاه ابن بطال (٣). واحتج الشافعي بأنَّ مالكًا لم يجز بيع الثوب المدرج في جرابه، ولا الثوب المطوي في طيه حتى ينشرا وينظر إلى ما في جوفهما، وذلك من الغرر، وأجاز بيع الأعدال على الصفة والبرنامج، فأجاز الغرر الكثير ومنع اليسير، فيقال له: قد سُئل مالك عن هذا فقال: فرق ما بين ذلك الأمر المعمول به وما مضى من عمل الماضين، أن بيع البرنامج لم يزل من بيوع الناس الجائزة بينهم، وأنه لا يراد به الغرر ولا يشبه الملامسة.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" ٤/ ٣١٧.
(٢) "المحلى" ٨/ ٣٣٨.
(٣) "شرح ابن بطال" ٦/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>