للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج الكوفيون على الجواز بأنه - عليه السلام - نهى عن بيع الحب حتى يشتد، فدل ذلك على إباحة بيعه بعدما يشتد وهو في سنبله، لأنه لو لم يكن كذلك لقال: حتى يشتد ويزال من سنبله، فلمَّا جعل الغاية في البيع المنهي عنه هي شدته ويبوسته دلَّ على أنَّ البيع بعد ذلك بخلاف ما كان عليه في أول أمره، ودلَّ ذلك على جواز بيع ما لا يراه المتبايعان إذا كانا يرجعان منه إلى معلوم، كما يرجع في الحنطة المبيعة المغيبة في السنبل إلى حنطة معلومة، واحتجوا بأنَّ الصحابة تبايعوا الأشياء الغائبة، فباع عثمان من طلحة دارًا بالكوفة بدار بالبصرة (١)، وباع عثمان من عبد الرحمن فرسًا بأرض له (٢)، وباع ابن عمر من عثمان مالًا له بالوادي بمال له بخيبر (٣)، وليس في الأحاديث عنهم صفة شيء من ذلك

واحتج الأولون بأنَّ تبايع الصحابة الأشياء الغائبة محمول إمَّا على الصفة، أو على خيار الرؤية، وفي الخبر أنَّ عثمان قيل له: غبنت، قال: لا أبالي لي الخيار إذا رأيت، فترافعا إلى جبير بن مطعم، فقضى بالبيع وجعل الخيار لعثمان، لأجل الغبن (٤).

وقد صحت الأخبار بنهيه عن الملامسة والمنابذة وشبههما أنَّ المبيع كان يدخل في ملك المبتاع قبل تأمله إياه ووقوفه على صفته، وكل ما اشتري كذلك من غير رؤية ولا صفة فحكمه حكم بيع الملامسة


(١) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٠، والبيهقي ٥/ ٢٦٨.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٨/ ٤٥ - ٤٦ (١٤٢٤٠) والبيهقي ٥/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٣) سلف برقم (٢١١٦) باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته.
(٤) "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>