للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ذكر بعده عنها حديثًا آخر بنحوه، وهو حديث صحيح حفيل له طرق، وقد أفرد بالتأليف (١)، وقام الإجماع على أن من اشترط في البيع شرطًا لا يحل أنه لا يجوز شيء منها؛ عملًا بهذا الحديث واختلفوا في غيرها من الشروط على مذاهب مختلفة، فذهبت طائفة إلى أن البيع جائز، والشرط باطل على نص حديث بريرة، وهو قول ابن أبي ليلى والحسن البصري والشعبي والنخعي والحكم وابن جرير، وبه قال أبو ثور، قالوا: ودلَّ هذا الحديث أن الشروط كلها في البيع تبطل وتثبت البيوع (٢).

وذهبت أخرى إلى جوازهما، واحتجوا بحديث جابر في بيعه واستثنائه حمله إلى المدينة، روى ذلك عن حماد وابن شبرمة وبعض التابعين وذهبت ثالثة إلى بطلانها، واحتجوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وشرط (٣)، وهو قول عمر وولده وابن مسعود والكوفيين والشافعي (٤)، فحملوا هذِه الأحاديث التي نزعوا بها على العموم، ولكل واحد منهما موضع لا يتعداه، ولها عند مالك أحكام مختلفة، وقد يجوز عنده البيع والشرط في مواضع، فإما إجازتهما فمثل أن يشترط المشتري على


(١) قال المصنف -رحمه الله- هذا حديث عظيم كثير الأحكام والقواعد والفوائد والفرائد، وقد اعتنى الأئمة بتعدد فوائده وآدابه وعنوانه ونكته وبلغوها عددًا جمًّا، كابن جرير الطبري وابن خزيمة إمام الأئمة. اهـ "الإعلام" ٧/ ٢٢٥.
وليراجع أيضًا شرح حديث (٤٥٦).
(٢) "المغني" ٦/ ٣٢٥.
(٣) هذا الحديث سيرويه المصنف -رحمه الله- عما قليل بإسناده مطولًا، وهناك يأتي تخريجه والكلام عليه.
(٤) انظر: "المبسوط" ١٣/ ١٣ - ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>