للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البائع شيئًا ما في ملك البائع ما لم يدخل في صفقة البيع، وذلك مثل أن يشتري منه زرعًا ويشترط على البائع حصده، أو دارًا ويشترط سكناها مدة يسيرة، أو يشترط ركوب الدابة يومًا أو يومين، وقد روي أنه لا بأس أن يشترط سكنى الدار الأشهر والسنة (١)؛ ووجه إجازته لذلك أن البيع وقع على الشيئين معًا، وعلى الزرع والحصاد، والحصاد إجارة، وهي بيع منفعة، وكذا وقع البيع على الدار غير سكنى المدة وعلى الدابة غير الركوب.

وأبو حنيفة والشافعي لا يجيزان هذا البيع كله؛ لأنه عندهم بيع وإجارة ولا يجوز؛ لأن الإجارة عندهم بيع منافع طارئة في ملك البائع لم تخلق بعد، وهو من باب بيعتين في بيعة.

ومما أجاز مالك فيه البيع والشرط: شراء العبد بشرط عتقه، إتباعًا للسنة في بريرة، وهو قول الليث، وبه قال الشافعي في رواية الربيع، ولم يقس عليه غيره من أجل نهيه - عليه السلام - عن بيع وشرط، وأجاز ابن أبي ليلى هذا البيع وأبطل الشرط، وبه قال أبو ثور، وأبطل أبو حنيفة البيع والشرط، وأخذ بعموم نهيه عن بيع وشرط؛ لأن أبا حنيفة يقول: إن المبتاع يقول: إذا أعتقه كان مضمونًا عليه بالثمن، وهذا خلاف أصوله؛ لأنه كان ينبغي أن يكون مضمونًا عليه بالقيمة، كما قال وقلنا في البيع الفاسد (٢).

ومضى أبو يوسف ومحمد على القياس فقالا: لا يكون مضمونًا بالقيمة، قال ابن المنذر: وما قالوه خطأ؛ لأن البيع إن كان غير جائز


(١) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" ٤/ ٥٤٦ - ٥٤٧ (٢٣٠٠١ - ٢٣٠٠٣).
(٢) سبق بيان ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>