للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه عنده كأنه طعام بطعام، والدراهم ملغاة إلَّا أن يكون الطعام جنسًا واحدًا وكيلًا واحدًا فيجوز عنده (١). وهذِه عندنا حيلة، وتسمَّى بيع العينة، ووافق مالكًا أحمد، وهو على قاعدة مالك في سد الذرائع فإن هذِه الصورة عندهم تؤدي إلى بيع التمر بالتمر متفاضلًا، ثم إنه ليس في الحديث أن الذي اشترى منه ثانيًا هو الأول، فهو مطلق صالح له بخلاف العموم فإنه ظاهر في الاستغراق.

قلت: وحديث العينة وإن أخرجه أبو داود (٢) وغيره فهو متكلم فيه، ووافقنا ابن حزم، فقال: هو حلال ما لم يكن عن شرط، قال: ومنع منه قوم وقالوا: إنه باع منه دنانير بدنانير متفاضلًا، فقلنا: بل هما صفقتان، ثم أوضحه وقد أمر به عمر والأسود بن يزيد (٣).

وقد يحتج بالحديث من يرى أن الربا جائز بأصله دون وصفه، فيسقط الربا ويصحُّ البيع كما قاله أبو حنيفة، وفي التخيير له - عليه السلام - التمر الطيب وإقرارهم عليه دليلٌ على أنَّ النفس يرفق بها بحقها، وهو عكس ما يصنعه الجهال المتزهدون من حملهم على أنفسهم ما لا تطيق جهلًا منهم بالسنة، نبه عليه ابن الجوزي.


(١) "شرح ابن بطال" ٦/ ٣٢٢ - ٣٢٣.
(٢) "سنن أبي داود" (٣٤٦٢)، أحمد ٢/ ٢٨، الطبراني ١٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣ (١٣٥٨٣)، (١٣٥٨٥)، البيهقي في "السنن الكبرى" ٥/ ٣١٦ (١٠٧٠٣)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١١).
(٣) "المحلى" ٨/ ٥١٢ - ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>