أهل الكفر عندما يريد قتالهم، ويحتمل أن يقتله بعدما يغلبهم، وإنما كان ذلك؛ لأنه نازل بتقرير هذِه الشريعة.
ومعنى "يَضَعَ الجزْيَةَ" يحمل الناس كلهم على الإسلام، ولا حاجة لأحدٍ إذ ذاك إلى الجزية؛ لأنها إنما تؤخذ لتصرف في المصالح، ولا عدو إذ ذاك للدين والمال فاض فلا حاجة إليها.
وقوله: ("وَيَفِيضَ المَالُ") أي: يكثر ويتسع، وهو بالنصب عطفًا على ما قبله كما ضبطه الدمياطي. قال ابن التين: إعرابه بالضمِّ؛ لأنه مستأنفٌ غير معطوف؛ لأنه ليس من فعل عيسى، قال: ويصح أن
يعطف على ما عملت فيه أن فينصب، وظاهره قتل الخنزير مطلقًا، وإن لم تعد حكمته ما أسلفناه.
وقال ابن التين في موضع آخر: فيه: إبطال لقول من شذ من الشافعية إذ جوز تركه إذا لم يكن فيه ضراوة، ومذهب الجمهور: أنه إذا وجد الخنزير في دار الكفر وغيرها وتمكنا من قتله قتلناه. وقد قام الإجماع على أن بيعه وشراءه حرام، وعلى قتل كل ما يُسْتَضَرُ به ويؤذي مما لم يبلغ أذى الخنزير، كالفواسق التي أمر الشارع بقتلها في الحل والحرم للحلال والمحرم، فالخنزير أولى بذلك لشدة أذاه، ألا ترى أن عيسى - صلى الله عليه وسلم - يقتله عند نزوله، فقتله واجب كذا قال ابن بطال.
ثم قال: وفيه: دليلٌ على أن الخنزير حرام في شريعة عيسى، وقتله له تكذيب للنصارى أنه حلال في شريعتهم.
واختلف العلماء في الانتفاع بشعره فكرهه ابن سيرين والحكم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الطحاوي عن أصحابه: لا ينتفع من الخنزير بشيء، ولا يجوز بيع شيءٍ منه، ويجوز للخرازين