لجواز ما ذكروه لوجب أن لا يجوز بيع شيء نسيئة؛ لأنه قد يطرأ على المشتري الموت والفلس قبل محل الأجل، فلا يصل صاحب الحق إلى ماله، فيكون هذا غررًا، ولكنه جائز؛ لأن الناس يدخلون في وقت العقد على رجاء السلامة، ولم يكلفوا مراعاة ما يجوز أن يحدث ويجوز ألا يحدث.
ولو أسلم في شيء إلى شهر فإن وقت المطالبة بالمسلم فيه هو رأس الشهر، بدليل أن الشيء لو كان موجودًا قبل الشهر لم يكن له المطالبة ولا للمسلم إليه أن يجبره على مراعاة وجوده قبل المحل وحين العقد؛ لأن وجوده كعدمه، ولو كان المسلم فيه موجودًا طول السنة إلا يوم القبض فأسلم فيه إلى سنة، كان هذا السلم باطلًا بإجماع.
وإن كان موجودًا عند العقد وطول السنة؛ لأن حين المحل والقبض معدوم، فعلم بهذا الاعتبار بوجوده حين القبض لا حين العقد، والدليل على هذا أنهم كانوا يسلفون في عهده - عليه السلام - التمر في السنة والسنتين، ومعلوم أنه إذا أسلم في التمر سنة، فإنه يتخلل الأجل زمان ينقطع فيه التمر، وهو زمن الشتاء، ثم إنه - عليه السلام - أقرهم على ذلك ولم ينكر عليهم السلف في سنة وأكثر، فثبت ما قلناه.
وأما نهيه - عليه السلام - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فهو محمول عندنا على أن بيع الثمرة عينًا لا يجوز إلا بعد بدو صلاحها، وفي السلم ليس عند العقد ثمرة موجودة عند البائع تستحق اسم البيع حقيقة، وحديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها مرتب على السلم، تقديره: أنه نهى عن بيعها حتى يبدو صلاحها، إلا أن يكون سلمًا: لحديث ابن عباس: أنهم كانوا يسلفون في التمر السنتين
والثلاث، وذلك بيع له قبل أن يبدو صلاحه وقبل أن يخلق، فإذا جاز