وقال الشافعي وأبو ثور: يجوز السلم بغير ذكر الأجل أصلًا.
وانتصر ابن بطال وقال: هذا خلاف الحديث؛ لأنه - عليه السلام - قال:"من أسلم" فأتى بلفظ العموم، وقد سلف جوابه، وأيضًا فإنه أحل الأجل محل الكيل والوزن، وقرنه بينهما، فلما لم يجز العقد إذا عدم صفة الكيل والوزن، فكذلك الأجل يجب اعتباره، كما لو قال: صلِّ على صفة كذا لم يجز العدول عنها (١).
احتج الشافعي أن السلم بيع من البيوع، وهي تجوز بثمن معجل ومؤجل، فكذا هو، قيل: إنه ينتقض بجواز السلم في المعدوم، وهو يجوز مؤجلًا فقط، وإنما لم يجز ابن عمر السلم في زرع لم يبد صلاحه؛ لأنه سلم في عين، وحكم السلم أن لا يكون في عين معلومة، وإنما يكون في الذمة لا ينفسخ بموت أحد العاقدين في السلم، ولا بجائحة تنزل، وهذا مذهب أهل الحجاز، إلا أن مالكًا أجاز السلم في طعام بلد بعينه إذا كان الأغلب فيه أنه لا يخلف.
ولم يختلف العلماء أنه لا يجوز أن يكون السلم في قمح فدان بعينه؛ لأنه غرر، ولا يُدرى هل يتم زرعه أم لا، ويجوز عند جميعهم أن يكون السلم في زمن يكون فيه الزرع قد بدا صلاحه إذا لم يكن يعين زرعًا ما، فإن أسلم في ثمر حائط بعد طيبه أو في زرع بعدما أدرك، فعن ابن القاسم أنه كرهه، وإن مات لم يفسخ، وليس بالحرام البين، ولا يجوز عند سائر الفقهاء؛ لأنه كبيع عين اشترط فيها تأخير القبض، وهو لا يجوز؛ لأنه من شرط البيع تسليم المبيع.
وفي قوله: ("أسلموا فِي الثِّمَارِ") إجازة السلم في الثمار كلها؛