وقد أسلفنا الخلاف فيمن اتجر في مال غيره، وأن طائفة قالوا: يطيب له الربح إذا رد رأس المال إلى صاحبه، وسواء كان غاصبًا للمال أو وديعة عنده متعديًا فيه، وهو قول عطاء وربيعة ومالك والليث والثوري والأوزاعي وأبي يوسف، واستحب مالك والثوري والأوزاعي تنزهه عنه، ويتصدق به.
وطائفة قالت: يرد المال، ويتصدق بالربح كله، ولا يطيب له منه شيء، وهو قول أبي حنيفة وزفر ومحمد بن الحسن.
وطائفة قالت: الربح لرب المال وهو ضامن لما تعدى فيه، وهو قول ابن عمر وأبي قلابة، وبه قال أحمد وإسحاق (١). وقال الشافعي: إن اشترى السلعة بالمال بعينه فالربح ورأس المال لرب المال، وإن اشتراها بمال بغير عينه قبل أن يستوجبها بثمن معروف المقدار غير معروف بالعين، ثم نقد المال المغصوب منه أو الوديعة، فالربح له، وهو ضامن لما استهلك من مال غيره.
وادعى ابن بطال أن أصح هذِه الأقوال قول من رأى أن الربح للغاصب والمتعدي، قال: والحجة له أن العين قد صارت في ذمته، وهو وغيره في ماله سواء إذ لا غرض للناس في أعيان الدراهم والدنانير، وإنما غرضهم في تصرفهم فيها، ولو غصبها من رجل وأراد أن يدفع إليه غيرها مثلها وهي قائمة في يده لكان له ذلك على أصل قول مالك، وإن كان ذلك فربحها له. وحديث الباب حجة له، ألا ترى أن الأجير لما رأى ذلك قال: أتستهزئ بي؛ فدل أن السنة