للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أجاز مالك أجر المؤذن، وكره أجر الإمام.

وصحح أصحابنا جواز أخذ الأجرة على الأذان، حجة الشافعي

حديث ابن عباس، وحديث أبي سعيد، ومما يدل على جواز أخذ الأجرة على ذلك أن الذين أخذوا الغنم تحرجوا من قسمتها وأكلها ححى سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأعلمهم أنها حلال لهم أخذ الأجرة عليه، وآكد لأنفسهم، وطيب نفوسهم بأن قال: "اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بسَهْم".

وأما أجر القسام فإن أكثر الفقهاء أجازوه (١)، وأما ما روي عن مالك من الكراهية فيه فإنما هو؛ لأن القسام كانوا يرزقون من بيت المال، فإذا لم يكن ذلك فلا بأس باستئجارهم على القسمة عنده، والقسمة مثل عقد الوثائق، كل ذلك جائز عنده (٢). وعقد الوثائق فرض على الكفاية؛ لقوله تعالى {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] فلما لم يتعين الفرض جاز فيه أخذ الأجرة.

وقال ابن المنذر: وأبو حنيفة سيكره تعليم القرآن بالأجر، ويجيز أن يستأجر الرجل يكتب له لوحًا أو شعرًا أو غناءً معلومًا بأجر معلوم. فيجيز الإجارة فيما هو معصية ويبطلها فيما هو طاعة لله؛ وقد دلت السنة على إجازته (٣).

وفيه: من الفقه وجوب التضيُّف على العادة المعروفة بين الناس قديمًا.


(١) انظر: "الإشراف" ٣/ ٢٨٥.
(٢) انظر: "المدونة" ٤/ ٧٧، ٢٧١.
(٣) انظر: "الإشراف" ٢/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>