للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: دليل أنهم فاوضوهم في منع معروفهم بأن منعوهم هؤلاء معروفهم في الرقية إلا بعوض؛ لقوله: (قد استضفناكم فلم تضيفونا)، فهذا يدل على أن ترك الضيافة ليس من مكارم الأخلاق.

وقوله ("وما يدريك أنها رقية؟! ") أي: إن في القرآن ما يخص الرقى، وإن فيه ما لا يخصها، وإن كان القرآن كله مرجو البركة والنفع، من أجل أنه كلام الله الحق؛ إذا كان في الآية التعوذ بالله أو دعاء كان أخص بالرقية مما ليس فيه ذلك.

وإنما أراد بقوله: ("وَمَا يُدْرِيكَ أَيها رُقْيَة؟! ") أن يختبر علمه بذلك؛ لأنه ربما خفي موضعها في: {الْحَمْدُ}، وهو قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥] هو الموضع الذي فيه الرقية؛ لأن الاستعانة بالله على كشف الضر، وسؤال الفرج، والتبرؤ إليه من الطاقة، والإقرار بالحاجة إليه وإلى عونه هو في معنى الدعاء. ويحتمل أن يكون الراقي إنما رقى بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} لما علم أنها ثناء على الله، فاستفتح رقيته بالثناء رجاء الفرج كما ترجى في الاستفتاح به في الدعاء الإجابة، ولذلك قال إبراهيم التيمي: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على الرجاء (١).

تنبيهات:

أحدها: للحنفية أن يفرقوا بين الرقية وتعليم القرآن، فإن أولئك القوم كانوا كفارًا يجوز أخذ أموالهم مطلقًا، أو تقول: إن حق الضيف لازم لهم ولم يضيفوهم، أو أن الرقى ليست بقربة محضة كسائر العلاجات، وإن كنا نعلم أن المستأجر على الرقى يدخل في رقاه القرآن؛ إذ ليس


(١) نقله من "شرح ابن بطال" ٦/ ٤٠٦ - ٤٠٨ بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>