للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحد إلى قول من هذين القولين، ورد الآخر عَلَى المتقدم، وصنف عليه كتابا يبلغ عدد أوراقه مائتين.

قَالَ الخطابي: والصحيح في هذا أن يقيد الكلام، وذلك أن المسلم قَدْ يكون مؤمنًا في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمنًا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم ولا عكس (١).

وإذا تقرر هذا استقام تأويل الآيات واعتدل القول فيها، وأصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلمًا في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقاد في الظاهر.

وقال البغوي في حديث جبريل: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام اسمًا لما ظهر من الأعمال، والإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد، وليس ذَلِكَ؛ لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذَلِكَ تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين؛ ولهذا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أتاكم جبريل يعلمكم دينكم" (٢).

والتصديق، والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعا يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] و {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، و {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (٣) [آل عمران: ٨٥].


(١) "أعلام الحديث" ١/ ١٦٠ - ١٦١.
(٢) انظر: "شرح السنة" ١/ ١٠، والحديث رواه مسلم (٨) كتاب الإيمان، باب: بيان الإسلام والإيمان.
(٣) انقطع الكلام في (ف) بسبب سوء التصوير وتمام الكلام كما في "شرح السنة" للبغوي: فأخبر أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولن يكون =