للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذلك فليس في الباب ما بوب عليه كما نبه عليه الداودي، وليس فيه أنه استأذنها، ولا أنها وكلته، وقد قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦].

وقال ابن بطال: وجه الاستنباط من الحديث هو أنه - عليه السلام - لما قالت له المرأة: قد وهبت نفسي لك، كان ذلك كالوكالة على تزويجها من نفسه، أو ممن رأى تزويجها منه، فكان كل ولي للمرأة بهذِه المنزلة أنه لا ينكحها حتى تأذن له في ذلك، إلا الأب في البكر، والسيد في الأمة، فإذا أذنت له وافتقر الولي إلى إباحتها ورضاها وكالة، وليست هذِه الوكالة من جنس سائر الوكالات التي لا يفعل الوكيل شيئًا إلا والموكل يفعل مثله؛ من أجل أنه - عليه السلام - قد خص النكاح أنه لا يتم إلا بهذِه الوكالة بقوله "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" (١) وجمهور العلماء على أنه لا تلي المرأة عقد نكاح بحال، لا نفسها ولا غيرها -وسيأتي في النكاح أنها جعلت أمرها إليه صريحًا (٢) - هذا قول مالك وابن أبي ليلى والثوري والليث والشافعي. قال مالك: ويفسخ وإن ولدت منه.

وقال الأوزاعي: إذا زوجت نفسها يحسن أن لا يتعرض لها الولي، إلا أن تكون عربية تزوجت مولى فيفسخ. وقال أبو حنيفة وزفر: يجوز عقدها على نفسها، وأن تزوج نفسها كفؤًا (٣).


(١) رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢) وابن ماجه (١٨٧٩)، وأحمد ٦/ ٦٦ وصححه الألباني في "الإرواء" ١٨٤٠ وأطال فيه النفس وأجاد فراجعه فإن فيه فوائد جمة.
(٢) سيأتي برقم (٥٠٨٧، ٥١٢١، ٥١٢٦).
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٢/ ٢٥٠، "المبسوط" ٥/ ١١، "المدونة" =

<<  <  ج: ص:  >  >>